هذا الحبيب 212  – السيرة النبوية العطرة (( الذين أهدر دمائهم ، يوم فتح مكة )) الجزء الأول

هذا الحبيب 212  - السيرة النبوية العطرة (( الذين أهدر دمائهم ، يوم فتح مكة )) الجزء الأول

هذا الحبيب 212  – السيرة النبوية العطرة (( الذين أهدر دمائهم ، يوم فتح مكة )) الجزء الأول
_________
_________
في يوم فتح مكة ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بهدر دم {{ ١٥ }} من أهل مكة
حددهم بالإسم ، وأمر صحابته بقتلهم وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة
ولم يقتل من هؤلاء {{ ١٥ }} سوى اربعة فقط
وعفى النبي صلى الله عليه وسلم عن الباقين
وهؤلاء الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، بقتلهم قد قاموا بجرائم شديدة في المسلمين
نذكر اسمائهم وكلما توقفنا على واحد ذكرنا سبب هدر دمه
________
{{ مقيس بن صبابة }}
كان قد أسلم
وحدث أن قتل أحد الأنصار أخيه خطأ في أحد الغزوات ظنا منه أنه من العدو
فأخذ الدية ثم قتل هذا الأنصاري، وارتد وعاد مشركا الى قريش، فلما كان الفتح قتل قصاصا
_______
{{ عبد الله بن الأخطل، والجاريتين المغنيتين }}
وكان {{ عبد الله بن الأخطل }} قد أسلم وهاجر الى المدينة ثم بعثه النبي صلى الله عليه وسلم لأخذ الصدقة
وكان معه مولى له مسلما
فأمر مولاه بأن يصنع له طعاما، ثم نام
فلما استيقظ وجد مولاه نائما ولم يصنع شيئا، فقتله، ثم خاف أن يقام عليه الحد، فارتد مشركا وعاد الى مكة
وكان شاعرا فأخذ يهجو النبي صلى الله عليه وسلم
وكان له جاريتان يغنيان بهذا الشعر
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله وقتل الجاريتين
وكان أمره صلى الله عليه وسلم بقتله قصاصا لقتله هذا {{الرجل المسلم }}
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، بقتل الجاريتين من أجل [[ الحفاظ على هيبة الدولة الإسلامية، لأن الشاعر ومن يتغنى بشعره كان بمثابة الفضائية المتحركة، وكل العرب تردد شعره، ويكون تأثيره في الناس أفعل من الحروب ]]
فلما كان يوم الفتح ركب {{ عبد الله بن الأخطل}} فرسه ولبس درعه وأقسم لا يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى خيل المسلمين خاف وذهب الى الكعبة وتعلق بأستارها فرآه النبي صلى الله عليه وسلم كذلك
فقال لأصحابه:_ اقتلوه فان الكعبة لا تمنع من اقامة الحد، فقتل، وقتلت احدى الجاريتين، وأما الثانية فطُلِب من النبي صلى الله عليه وسلم ، العفو عنها فعفا عنها وعاشت حتى خلافة {{ عثمان }}
_________
{{ عبد الله بن أبي سرح }}
كان ممن أهدر دمه والسبب
كان قد أسلم ، وكان ممن يكتب الوحي ، ثم ارتد ولحق بمكة
ومن أجل أن يرضي قريش ، أخذ يشوه مصداقية النبي صلى الله عليه وسلم والوحي
وكان يقول لقريش :_ إن محمدا لا يعلم ما يقول
وقال لهم كتبت له {{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}} إلى قوله {{ثم أنشأناه خلقا آخر}}
فقلت {{فتبارك الله أحسن الخالقين}} قبل أن ينطق بها محمد
فقال لي :_ اكتب ذلك، هكذا أنزلت
يا قريش إن كان محمد نبيا يوحى إليه فأنا نبي يوحى إلي
وكنت أصرف محمدا كيف شئت كان يملي علي {{ عزيز حكيم}} فأقول أو {{ عليم حكيم }}
فيقول :_ نعم كلٌ صواب اكتبها
وكل ما كنت أقوله لمحمد يقول لي :_ اكتب ، هكذا نزلت
[[طبعا كان أهل مكة يصدقونه، لأن الإنسان الذي على باطل يريد أن يصدق أي كلام يزين له هذا الباطل حتى ولو كان كلاما غير معقول ]]
فلذلك أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم فتح مكة
فلما كان يوم الفتح وعلم بإهدار النبي صلى الله عليه وسلم دمه لجأ إلى {{ عثمان بن عفان }} رضي الله عنه وكان أخيه من الرضاعة
فقال له: يا أخي استأمن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يضرب عنقي
فغيبه عثمان رضي الله عنه في بيته حتى هدأ الناس واطمأنوا
ثم أتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صحن الكعبة
فوقف عثمان بن عفان أمام النبي وقال: _ يا رسول الله بأبي انت وامي ، بايع عبد الله بن ابي سرح
فلم يرد عليه صلى الله عليه وسلم واستدار بوجهه واخذ يكلم غيره
فعاود {{ عثمان}} قوله للمرة الثانية
فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأستدار النبي الى جهة اخرى واخذ يكلم غيره
فكرر طلبه {{ عثمان }} للمرة الثالثة
[[وهو يخاطب المبعوث رحمه للعالمين ، صاحب الخلق العظيم ، فأبت عليه نفسه الكريمة ، ان يعرض عن عثمان ثلاث مرات وهو صحابي جليل ]]
فنظر فيه وقد علاه الغضب
وقال :_ نعم ابسط يدك يا ابن ابي سرح
فبسط يده وبايعه وأمنه صلوات ربي وسلامه عليه
فشعر {{ عثمان }} أنه أثقل على رسول الله
فأخذ بيد عبدالله بن ابي سرح بعد أن بايع النبي ، وخرج به من الحرم
فلما انصرف قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهو مغضب بصوت مرتفع :_
أعرضت عنه مراراً ، و هو مهدور الدم ، ألا قام إليه بعضكم فيضرب عنقه ؟ !!!
وقال لعباد بن بشر [[ وكان عباد عليه نذر إن رأى عبد الله بن ابي سرح ان يقتله ]]
فلما حضر عبدالله مع عثمان أخذ عباد سيفه واستعد لقتله ينتظر إشارة من رسول الله
فقال النبي لعباد وهو مغضب وقد ارتفع صوته :_انتظرتك أن تفي بنذرك
قال: يا رسول الله خفتك، أفلا أومأت إلينا بعينك ؟
[[ يعني بمعنى اليوم اغمزنا اعطينا اشارة ]]
فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو مغضب اكثر واكثر ورافعاً صوته
وهو يقول :_ سبحان الله ،إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين فكيف بمحمد رسول الله ؟؟
[[ يعني ان اي نبي منزه ان تكون له خائنة الاعين يغمز من تحت لتحت ، فليس من اخلاق الانبياء فكيف بمحمد وهو إمام الانبياء والمرسلين ]]
فسكت الصحابة وانقذ رأس عبدالله بن ابي سرح
وكان {{ عبدالله بن ابي سرح }} بعد ذلك يستحيي من مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم
فذكر عثمان ذلك لرسول الله
قال :_ بأبي انت وأمي يا رسول  الله ، إن عبدالله لا زال يذكر جرمه القديم وهو يستحي منك
فقال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه :_ يا عثمان الإسلام يجبّ ما قبله
وأخبره عثمان رضي الله عنه بذلك
ومع ذلك صار إذا جاء جماعة للنبي يجيء معهم ولا يجيء إليه منفردا
وقد حسن اسلام {{ عبد الله بن السرح }} بعد ذلك
___________

{{ هند بنت عتبة }}
زوجة {{ أبي سفيان }} وأم {{ معاوية }}
وكانت شديدة في كفرها، وهي التي مثلت بحمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم
وكانت {{ المثلة }} سابقة في العرب لم تعرفها العرب من قبل
ابتكرت شيئاً من وحي الشيطان
فأمرت النساء التي كانوا معها أن يقطعنَّ انوف وأذان الشهداء فجعلت منهم قلادة تضعها في عنقها تدخل بها مكة
[[ يعني هي انوف واذان اصحاب محمد قلادة في عنقي وزادت مثلة في عمه حمزة فأمرت وحشي ان يبقر لها بطنه ويستخرج لها كبده فلاكتها ، ولم تستطيع ان تسوغها فلاكتها ولاكتها ثم بزقتها ، وهنالك مقالة لطيفة يقال انها لاكت كبد حمزة فأختلط شي من دم حمزة بجسدها فلذلك هداها الله للاسلام لأن الله حرم على النار دم سيد الشهداء ]]
فلما كانت يوم الفتح لزمت منزلها ، وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمها
جلس صلى الله عليه وسلم على الصفا ، يبايع أهل مكة على الاسلام
فجاءه الكبار والصغار والرجال والنساء يبايعهم على الإسلام، أي على شهادة أن {{ لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله }} فدخل الناس في دين الله أفواجا أفواجا
وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هيبة لا يستطيع أحد التمعن والنظر في وجهه من شدة هيبته
[[ لذلك قيل ان الله اعطى شطر الجمال ليوسف عليه السلام واعطي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الجمال كله ولكن الصحابة ما كانوا يطيقون التمعن فيه من شده هيبته صلوات ربي وسلامه عليه ]]
فجاءه رجل يبايعه فلما نظر الى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، أخذته الرعدة
فقال له: _هون عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد
[[ اللحم المجفف ، الذي يأكله عامة الناس ]]
وامر عمر بن الخطاب ان يقف بين يديه وتجمع النساء فأتت النساء ليبايعن النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يبايعن ببسط اليد و وضع اليد باليد ، لا
تقول السيدة عائشة {{ ما وضع صلى الله عليه وسلم يده بيد امرأة إلا امرأة تحل له [[ اي زوجته ]] أو ذات محرم }}
ولكنه بسط يده في الهواء ، وبسطت نساء قريش أيدهن وتمت البيعة
وهند كانت بين النساء وكانت كما قلنا {{ مهدورة الدم }}
ولكن اخبروها ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقتل من اسلم
فجاءت حتى دخلت بين النساء ، وجلست وهي متنقبة [[ أي تخفي وجهها ]]
فلما بسط يده يبايعهن
قال :_ ابايعكن على ان تشهداوا ان لااله الا الله , وأن محمد رسول الله
قالت النساء :_ نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله
قال :_ وألا تقتلن اولادكن من املاق [[ الؤد الذي كان في الجاهلية ]]
فقالت هند وهي متنقبة[[ تريد ان تفتح باب الدعابة مع رسول الله ]]
قالت :_ لقد ربيناهم صغاراً يا رسول الله وحصدتهم يوم بدر كباراً فأنت وهم أعلم عند الله
فعرفها من صوتها
فقال :_ أهندٌ بنت عتبة ؟؟!!
فأماطت النقاب عن وجها
وقالت :_ نعم بأبي وامي انت يا رسول الله، الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه، لتنفعني رحمك
[[ قبل قليل قالت الشهادة مع النساء ، والآن تقول بأبي وامي انت يا رسول  ، فهل صاحب الخلق العظيم يضرب عنقها هل حبيب قلوبنا يأمر بقتلها ؟؟ ]]
فتبسم لها صلى الله عليه وسلم ضاحكاً
وقال:_ مرحبا بك
ثم أكمل بنود اابيعة
وقال للنساء :_ و ألا تزنين
فقالت {{ هند }} مداعبة لتكسر ما بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الجفوة
قال :_ أو تزني الحرة بأبي انت وامي ؟ !!
فضحك صلى الله عليه وسلم وضحك عمر ،ومضى يأخذ بنود البيعة فلما اتم
قالت هند للنبي صلى الله عليه وسلم
قالت :_ والله يا رسول الله ماكان على وجه الارض اهل خباء [[ اي نساء اهل بيت ]] احب إلي ان يذلوا من اهل خباءك ، ثم ما اصبح اليوم اهل خباء على وجه الارض ، احب إلي من ان يعزوا من اهل خباءك ، لقد كنا في جاهلية يا رسول فأصفح الصفح الجميل
[[ اي لا تريد ان تفتح الملف فهي تعرف ما جنت ]]
فقال صلى الله عليه وسلم :_ قد عفونا وصفحنا يا ابنت عتبة
فقالت :_ يا رسول  الله لقد نهيت على أن يسرق المسلم او يأكل حراما
إن ابا سفيان [[ اي زوجها ،وكان يقف على مقربة من المكان ]]
إن ابا سفيان رجل بخيل يعسر علينا في النفقة ، وكنت اخذ من ماله خفية ، فأوسع على نفقتنا فهل يحل لي ذلك ؟؟
فقال ابو سفيان [[ سابقاً النبي بالجواب هي تسأل رسول الله ، ابو سفيان هو اللي جاوب ]]
فقال ابو سفيان :_ أما ما أخذتي في ما مضى فأنتِ في حل منه ، أما بعد اليوم فلا [[ يعني لا تاخذي بعدها مني فلوس]]
فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك :_
خذي يا ابنت عتبة ما يكفي لنفقتكم بيسر [[يعني لا تاخدي كثير فقط ما يكفيكم ]]
فرجعت هند وقد أنار وجهها وقلبها بنور الايمان ، وكانت صادقة الإيمان ، حتى اذا دخلت دارها
اسرعت الى صنمها التي كانت تعبده ، واخذته وألقته في الارض ، ووضعت قدمها عليه
وقالت :_ لقد كنا معك في غرور ، الحمد لله الذي اخرجنا من الظلمات الى النور
__________
ونكمل في هذا الموضوع إسلام {{معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه }} ابنها الذي أصبح خليفة للمسلمين فيما بعد
فكان من جملة من بايعه النبي صلى الله عليه وسلم ، على الإسلام {{ معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما}} فعن معاوية رضي الله تعالى عنه
يقول :_ لما كان صلح {{ الحديبية }} وقع الإسلام في قلبي فذكرت ذلك لأمي [[ أي هند ]]
فقالت: إياك أن تخالف إياك ، فيقطع ابوك عنك القوت [[ المصروف ]]
يقول :_ فأسلمت وأخفيت إسلامي
فقال لي يوما والدي أبو سفيان وكأنه شعر بإسلامي
قال :_ يا معاوية أخوك خير منك ، هو على ديني
فلما كان عام الفتح أظهرت إسلامي فذهبت الى النبي صلى الله عليه وسلم فرحب بي وكتبت بين يديه [[ أي جعله من كتاب الوحي ]]
وصحب معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب الوحي بين يديه مع الكتاب
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما من السنن والمسانيد، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين
وعن العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه
قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول لمعاوية: _اللهم علمه الكتاب والحساب، وقه العذاب زاد في رواية {{ ومكن له في البلاد }}
وقد بشرت أمه {{ هند }} به [[ اي ابنها معاوية ]] من بعض كهان اليمن وجاءت هذه القصة في {{ السيرة الحلبية }}
أولا يجب أن اوضح أمر هنا
الكاهن لا يعلم الغيب ، ولكن قبل أن يبعث الله عزوجل نبيه صلى الله عليه وسلم ، كان الكهنة يتعاملون مع الجن
في السماء كانت الملائكة تطلع من علم الغيب بما كتبه الله من المقادير في اللوح المحفوظ ، فتتناقل الملائكة الخبر في السماء [[ لقد قدر الله كذا ، وكذا ]]
الجن كانت تجلس في قاعد في السماء تسترق فيها السمع [[ يعني تلك المجالس لا يستطيعون الجلوس فيها طويلا ، يخافون أن تراهم الملائكة ، لذلك يسترقون سماع جملة او جملتين من اخبار الغيب ]]
فكانت الجن تستطيع أن تسمع كلام اهل السماء ، فإذا ما كان هنالك أمر ، نقله هذا الجني الى هذا الكاهن ، فتظن الناس في الجاهلية أن هذا الكاهن يعلم الغيب
[[ والحديث في ذلك يطول ]]
فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، انقطعت هذه الاخبار عن الجن فكلما اقترب جني من السماء وجد حراس من الملائكة و وجد شهاب يترصد به
لذلك يوم مولده صلى الله عليه وسلم استغربت الجن من هذا الأمر
قال تعالى مخبرا عن حال الجن
{{ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا * وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا }}
فمعاوية أمه هند كانت متزوجة قبل ابو سفيان ، برجل اسمه
{{ الفاكه بن المغيرة المخزومي }} وكان شابا من فتيان قريش
وكان عنده مضافة يأتيه الناس إليها من غير إذن [[ يعني لا يقرع الناس الباب ليؤذن لهم بالدخول مضافة مفتوحة ]]
يوم من الأيام لم يأتي أحد على هذه المضافة
فنامت هند وزوجها {{ الفاكه }}
ثم استيقظ الفاكه وخرج لبعض حاجته ، وهند نائمة
فجاء رجل ودخل المضافة ، فلما رأى هند نائمة ولى هاربا
فلما هرب رآه زوجها {{ الفاكه }} وهو خارج من البيت
فأقبل إلى هند فضربها برجله
وقال لها: _من هذا الذي كان عندك؟
قالت:_ ما رأيت رجلا ولا انتبهت حتى أيقظتني
فقال لها: _الحقي بأبيك
واصبح الناس يتكلمون عنها
فقال لها أبوها عتبة:_ يا بنية إن الناس قد أكثروا فيك فأنبئيني نبأك [[ الناس بتحكي عنك اخبريني الحقيقة ]]
فإن كان الرجل صادقا [[ اي زوجك ]] دسست إليه من يقتله فنقطع عنك المقالة [[ نقتله ونرتاح منه ]]
وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن
فحلفت له أنه لكاذب عليها
فقال عتبة للفاكه: _يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم، فحاكمني إلى بعض كهان اليمن
فخرج زوجها {{ الفاكه }} مع جماعة من عشيرته من بني مخزوم
وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف
وخرجت معهم {{ هند }} ونسوة معها ، ليحتكموا عند الكاهن
فلما وصلوا الى بلد الكاهن
تغير وجه {{ هند }} اي خافت
فقال لها أبوها:_ إني أرى ما بك من تنكر الحال، وما ذاك إلا لمكروه عندك [[ يعني ما تغير لون وجهك وخفتي إلا إنك عاملة شي ]]
وكانت هند معروفة بالحكمة والعقل
فقالت: _ لا والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه عندي، ولكني أعرف أنكم تأتون بشرا يخطىء ويصيب، ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون عليّ سبة في العرب
[[ يعني هذا الكاهن بشر ، ممكن يخطئ ويصيب ، خايفة يخطئ فيصدقه الناس ويكون عار علي بين العرب ]]
قال لها عتبة :_ لا تخافي يا بنية سأختبره
فلما وصلوا
قال عتبة للكاهن :_ إنا قد جئناك في أمر وإني قد خبأت لك خباء أختبرك به [[ يعني وضعت في جيبي شيء اختبرك اتعرفه أما لا ]]
فأخبره الكائن انك خبأت كذا وكذا
فقال عتبة :_ صدقت
انظر أيها الكاهن في أمر هذه النسوة [[ يختبره مجموعة نساء معنا انظر من التي جئنا بسببها ]]
فوقف الكاهن ونظر في النساء ، ثم تقدم نحو {{ هند }}
وضرب كتفها وقال لها :_ انهضي غير وسخاء ولا زانية
ولتلدنّ ملكا [[ يعني انتي نظيفة ولست زانية وستلدي ملكا ، اي يقصد معاوية ]]
فوقف زوجها {{ الفاكه }} فرحا مسرورا ، و أخذ بيدها، فنثرت يدها من يده
وقالت: _ إليك عني، فوالله لأحرصن على أن يكون من غيرك
[[ اي سأتزوج غيرك ويكون هذا الولد الملك من غيرك ]] فتزوجها أبو سفيان، فجاءت منه بمعاوية رضي الله تعالى عنهم
قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما لمعاوية {{ يا معاوية إذا ملكت فأحسن}} وفي رواية {{إذا ملكت من أمر أمتي شيئا فاتق الله واعدل }}
وعند موت معاوية رضي الله عنه ، كان عنده إزار النبي صلى الله عليه وسلم ، ورداؤه وشيء من شعره
فقال عند موته: _ كفنوني في القميص، وأدرجوني في الرداء، وأزروني بالإزار، واحشوا منخاري وشدقي من الشعر، وخلوا بيني وبين أرحم الراحمين.
واخذ يدعو :_ اللهم ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي. اللهم أقل عثرتي، واغفر زلتي، وعد بحلمك على من لا يرجو غيرك ولم يثق بأحد سواك، ثم بكى رضي الله تعالى عنه حتى علا نحيبه
فهؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يحق لأي مسلم على الارض كلها أن يقيمهم ، ويقول هذا الصحابي أفضل من هذا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ورد عنه
ويجب ان يكون من يقيمهم ، اعلى منهم درجة ومن منا أعلى درجة من صحابة رسول الله ؟؟
الطالب لا يقيم العالم ، ولكن العالم يقيم درجة الطالب
لذلك أقول واكرر في السيرة ، ما جرى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من فتن
{{ تلك دماء طهر الله ايدينا منها ، فنطهر ألستنا منها ، الله يحكم بينهم يوم القيامة }}
ويكفينا قوله تعالى وكأن الله يخبرنا حكمه فيهم
{{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }}
__________
{{عكرمة بن ابي جهل }}
كان من أشد قريش عداوة للنبي صلى الله عليه ، وقاتل مع قريش في بدر
وكان ميسرة الفرسان في احد، واشترك في الخندق وأحد الذين اقتحموا الخندق مع {{ عمرو بن ود}} قبل أن يقتل وفر هو هاربا
وكان أخيرا قائد جيش المشركين الذين تصدوا للمسلمين في فتح مكة عند جبل {{ الخندمة }}
وهو ممن قام بنقض {{صلح الحديبية }} وشارك {{ بني بكر}} بقتال {{ خزاعة }}
فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه
فلما دخل المسلمون مكة هرب واتجه الى اليمن، وكانت امرأته {{أم حكيم بنت الحارث}} قد أسلمت
اتعرفون من ام حكيم ؟
اختها تكون ام المؤمنين {{ ميمونة بنت الحارث }} التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم يوم عمرة القضاء
{{ ام حكيم اسلمت قبل الفتح وانفصلت عنه بحكم الاسلام فالمسلمة لا تحل لكافر }}
ولكنها لم تسافر بقيت مع اخواتها في مكة ، فهي الآن مسلمة وسمعت كيف تقبل النبي اسلام من أهدر دمهم
فقالت مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعفو عن {{هند بنت عتبة }}
:_ يا رسول الله لقد شمل عفوك قريش كلها وإن {{عكرمة }} رجل من رجالات قريش ، سمع بدمه المهدر ففر الى الساحل هاربا ، ألا تأمنه يا رسول الله ؟؟
فرق قلب النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم لها
وقال لها :_ أدركِ زوجك فهو آمن
[[ يا حبيبي يا رسول الله ما اجمل قلبك ، ارأيتم عكرمة ابن من ؟؟ ابن ابوجهل راس الكفر واشد الناس عداء لرسول الله وهو ناقض عهد وهو الذي قاتل خالد بارض الحرم ]]
فلما أخذت له الأمان من رسول الله ،خرجت في طلبه الى اليمن، ولحقته قبل أن يركب البحر، وقيل لحقته وهو في السفينة قبل أن تتحرك
قالت :_ قف يا بن عم لقد جئتك من عند اكرم الناس ، واوصل الناس ، جئتك من عند رسول الله وقد أخذت لك الأمان فلا تهلك نفسك [[ وكان يثق بها ]]
فقال لها :_ أومحاسبي هو ؟؟ [[ يعني بده يحاسبني على الماضي ]]
قالت :_ لا قد صفح ، واعطاك الامان ، فأرجع فإنه ابن عمتك [[ لان أمنة ام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تكون عمته فرسول الله ابن عمته ]]
فإنه ابن عمتك ، وعزه عزك ، وشأنه شأنك ، فرجع معها
وهو قادم بالطريق والنبي صلى الله عليه وسلم جالس بمكة بين اصحابه
واذا بالنبي يأتيه الوحي من السماء ، ان عكرمة قد آمن ورجع
فقال لاصحابه :_ لقد رجع إليكم عكرمة مسلما مهاجرا
[[اعتبر هروبه للبحر ورجوعه هجرة ]]
لقد رجع إليكم عكرمة مسلماً مهاجراً ، فمن رآه منكم فلا يؤذيه بسب أبيه ابو جهل فإن مسبة الأموات تؤذي الاحياء ولا ينال الميت منها شيء
فلما قدم عكرمة لساحة الحرم
يقول الصحابة :_ ففزع إليه صلى الله عليه وسلم
[[ اي قام إليه مسرعا ]] بأزار دون رادء عاري المنكببن
وهو يقول بأعلى صوته :_ مرحباً بمن جاءنا مؤمنا مهاجراً
[[ يالله ما اعظم هذا الدين وما اعظم خلق هذاالنبي لو تمسك المسلمون بسنته واقتدوا به ، عداوة بلغت ذروتها تمحى فورا ليست مجاملة النبي لا يجامل ،تمحى فورا ويستقبله متهلل الوجه بسرور ليس تمثيل لا ، فرسول الله ليس ممثل في فيلم يأخذ دور حمزة سيد الشهداء ، ومسلسل ثاني ياخذ دور ابليس وهو يقول لابراهيم اتذبح ولدك من اجل رؤيا منامية فالممثل على استعداد ان يمثل الدورين المتناقضين ليس تمثيل استقبله وهو فرح بصدق لا يوجد مجاملة ولا نفاق ]]
استقبله بفرح وسرور صادق
وهو يقول {{ مرحباً بمن جاءنا مؤمنا مهاجراً }}
قال عكرمة :_ يا رسول الله فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها ، أو مسير وضعت فيه ، أو مقام لقيتك فيه ، أو كلام قلته في وجهك أو وأنت غائب عنه
فقال النبي :_ اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها ، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك ، فاغفر له ما نال مني من عرض في وجهي أو أنا غائب عنه
فقال عكرمة :_ رضيت يا رسول الله ، لا أدع نفقة كنت أنفقها في صدٍ عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ، ولا قتالا كنت أقاتل في صد عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله
وكان رضي الله عنه من فضلاء الصحابة رضي الله عنه
وما خاض المسلمون بعد اسلامه معركة الا خاضها معهم، واشترك في حروب الردة، ثم لما فرغ اتجه الى الشام، واشترك في معركة اليرموك، ولما اشتد الكرب على المسلمين في معركة اليرموك، نزل من على جواده وكسر غمد سيفه، ونادي بأعلى صوته :_
من يبايعني على الموت، فباعيه البعض على الموت، وأوغل في صفوف الروم فبادر إليه {{ خالد بن الوليد }}
وقال: _ لا تفعل يا عكرمة فإن قتلك سيكون شديداً على المسلمين
فقال: _ إليك عني يا خالد فلقد كان لك مع رسول الله سابقة، أما أنا وأبي فقد كنا من أشد الناس على رسول الله، فدعني أكفر عما سلف مني ،وظل يقاتل حتى مات شهيدا رضي الله عنه
_______
هل رأيتم ؟؟
رغم أن عكرمة كان أحد الذين عادوا النبي صلى الله عليه وسلم ، قبل ذلك وآذوه إيذاء شديدا ، فقد كان لعفوه وسماحته صلى الله عليه وسلم ، وكلماته وترحيبه في استقباله عند قدومه
الأثر الكبير في إزالة ما على قلبه من ركام الجاهلية ، وكان كافيا لتغيير حياته ، واجتذابه إلى الإسلام
ومن ثم تأثر عكرمة رضي الله عنه بموقف النبي صلى الله عليه وسلم
فاهتزت مشاعره ، وتحركت أحاسيسه ، ودخل نور الهداية قلبه فأسلم
وقال للنبي صلى الله عليه وسلم {{ قد كنت والله فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنت أصدقنا حديثا وأبرنا برا }}
هل عرفتم نبيكم صلى الله عليه وسلم الذي عظم الله خلقه
فقال تعالى
{{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }}
وقال تعالى
{{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }}
صلوا عليه وسلموا تسليما
يتبع إن شاء الله .. من أهدر دمهم يوم فتح مكة