يا

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 24

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي لا تبتئسْ لأنهم تركوكَ وأنتَ في أشدِّ لحظاتِكَ حاجةً إليهم صدِّقني كلما جاءت الخيباتُ باكراً كلما صار ترميمها أسهل! الطَّعنة في منتصف الطريق موجعة، ولكنها في آخره موت وإن بقيَ فيكَ رمقٌ! يا صاحبي لا تلُمْ نفسكَ، ولا تبحثْ فيكَ عن سببٍ، الغادرُ لا يحتاجُ سبباً، لقد كان غادراً منذ البداية، وكان يتحيّن الفرصة، وها قد أتتْ! وإياك أن تسأل: لِمَ تغيَّروا؟! كانوا هكذا منذ البداية،

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 23

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني: ما أروعُ إحساسٍ في الحُبِّ؟ فأقولُ لكَ: الأمان! أن تشعرَ أن أحدهم ممسك بقلبكَ لا بيدكَ! الأمان هو أن تمنحَ أحدهم القدرة على تدميرك، وكلكَ يقين بأنه لن يرميكَ ولو بوردة! وأنه مهما حدث بينكما فسيبقى يخشى عليكَ من أن تجرحكَ نسمة! وأنه رغم كل المعارك الضارية التي قد تنشأ بينكما فإنكَ لن تهون عنده! الأمان هو أن تأخذ أحدهم إلى أعمق نقطةٍ فيك، فتصبحَ

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 22

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي ألقوا الأمر على كاهلكَ مرَّةً أخرى، وقالوا : أنتَ لها! أنتَ الذي تعرفُ أنك بالكاد تصلحُ لقيادة نفسكَ، تسأل الآن: كيف أقودُ النَّاس! يشهدُ الله أنكَ ما سعيتَ، ولم تكُنْ راغباً، كنتَ دوماً ترى المسؤولية تكليفاً لا تشريفاً، وأن القائد خادمٌ لا سيِّد! ولكن على ما يبدو أن قدر الإنسان أن يُكبَّل بالأغلال التي يُحاول أن يفكَّ نفسه منها، يا صاحبي إنَّ ما تهربُ منه يتبعُكَ!

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 21

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي ‏في فترةٍ من حياته اعتزلَ الإمامُ مالكٍ الناس، فلم يكنْ يشهدُ الجمعة ولا الجماعات، ولا يعودُ مريضاً ولا يمشي في جنازة! ‏فلما سُئل بعد ذلك قال: ليس كل إنسان يستطيعُ أن يبوح بعذره! وها أنتَ على خُطى الإمام الأثير على قلبك، تنأى بنفسكَ في ركنٍ قصيٍّ، تعتزلُ ولا تستطيعُ أن تبوح بعذرك، بعض الأعذار لا يقبلها الصَّديق ويشمتُ فيها العدو، ويا للقلوب حين يتنافر ودَّها، تكشفُ

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 20

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تأوي الآن إلى نفسِكَ متعباً كجنديٍّ هو الناجي الوحيد من أفراد كتيبته وإنكَ لا تدري الآن أتفرحُ لأنكَ بقيتَ حياً، أم تندبُ لأن خسارة المرءِ لأحبابه هو موتٌ آخر ؟! يحدُثُ يا صاحبي أن تُغيِّرنا الدُّنيا، حتى أن المرءَ ليستغرب من نفسه قبل أن يستغربَ منه الآخرون! فيسألُ نفسه في لحظة ذُهولٍ: من هذا الذي لا يُشبهني؟! هذه الدُّنيا قاسية يا صاحبي، تضيقُ على المرءِ حتى

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 19

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني: كيف أسيرُ إلى اللهِ فأقولُ لكَ: سِرْ على أيَّةِ حالٍ كُنتَ، ركضاً إن استطعتَ، ومشياً إن عجزتَ، وحبواً إن خانتكَ خطواتكَ، وإن عجزتَ عن كلِّ هذا فقِفْ مكانكَ، ولا تمشِ في طريقٍ آخر بعيداً عنه سبحانه، فإنَّ الوقوف في الطريق إلى الله مسير إليه! لا أعرفُ لِمَ خطرَ لي عمرو بن الجموح الآن وأنا أُحدِّثُكَ، لمعتْ صورته في رأسي كالبرق، وكأني أراه جاءَ إلى النَّبِيِّ

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 18

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني: لِمَ لمْ تُعاتبهم هذه المرَّة كعادتِكَ فأقولُ لكَ: كنتُ أعاتبهم لأني كنتُ أريدُ أن أبقى أما الآن فقد اكتفيتُ وأريدُ أن أغادر وأنا حين أُغادرُ أقفلُ الباب خلفي بهدوءٍ وأمضي، يُصبحُ المرءُ بارداً لشدَّةِ ما احترقَ! العِتابُ يا صاحبي هو تطهيرٌ للجرحِ، فلا يصِحُّ أن تخيطَ جرحَكَ دون أن تُنظِّفه، ولكنَّ الأمر مختلفٌ هذه المرَّة، ليست كل الجروح قابلة للشفاء، فأحياناً يبترُ الأطباء العضو الذي

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 17

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تقول لي: حدِّثني عن الاشتياق! فأقول لكَ: لقد قرأتُ عنه كثيراً، في الأدب والشِّعر والسِّير والتراجم، فما وجدتُ قولاً أبلغُ من قول العرب: نازعتني نفسي إليك! وللهِ درُّ ذلك المشتاق الذي سأله حبيبه: كيف أنتَ؟ فقال: تنقُصني! ومن قبل قال ابن حزم: لن تتوقف رسائل الشوق إليك .. حتى يفنى بي العمر أو ألقاك! ويعجبني قول الجواهري: ما شَوْقُ أَهل الشَّوْقِ في عُرْفِ الهَوَى نُكْرٌ، فَقَدْ

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 16

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني: لِمَ يتقلَّبُ الزمانُ هكذا حتى ليبدوَ أنْ لا أمان له؟! فأقولُ لكَ: الأيامُ جندٌ من جنودِ اللهِ يا صاحبي، يداولها بين النَّاس، ليُرِيَ خلقَه أنه لا يبقى على ما هو إلا هو سبحانه! يا صاحبي كان فرعونُ يتجبَّرُ ويقول : أليس لي ملكُ مصرَ وهذه الأنهار تجري من تحتي فأدار اللهُ الزمان ثم أجرى الماء من فوقه لو أنكَ رأيته وجبريل يحشو الطين في فمه،

السلام عليك يا صاحبي 15

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني : كيف يأتي الحُب؟! فأقول لكَ: ليس له طريقةً واحدة يأتي بها، ولكنه حين يأتي ستعرف ذلكَ بلا شك! يأتي الحُبُّ أحياناً من أول نظرة، هكذا يصيبك كبرقةٍ تترككَ رماداً عاجزاً عن المقاومة، هذا ما يسمونه الحُب من النَّظرة الأولى يا صاحبي، وإني وإن كنتُ أؤمن بوجوده إلا أني لم أجربه، فإنَّ لي شأناً آخر مع الحُب! ويأتي الحُبُّ أحياناً مع العِشرة، تعامل دائم، وطول