السلام عليك يا صاحبي

السلام عليك يا صاحبي 11

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني : لِمَ كانت الصَّفعة موجعةً هذه المرَّة رغم أن من عادة الدنيا أن تصفعني؟! فأجيبكَ: لعلَّ ما أوجعكَ ليست الصَّفعة وإنما يدُ الصَّافعِ! يعزُّ على المرءِ يا صاحبي أن يُصفعَ باليدِ التي طالما قبَّلها! أو لعلَّه التوقيتُ يا صاحبي، أحياناً تمرُّ بالإنسان عاصفةٌ فلا تُحرِّكُ فيه شعرةً، وأحياناً تخدشه نسمة! أو لعلَّها الأحزانُ قد تراكمتْ يا صاحبي، فالإنسان عندما يحزن يستدعي كل أحزانه السَّابقة كأنَّ

السَّلام عليكَ يا صاحبي 10

السَّلام عليكَ يا صاحبي تسألني : لِمَ لَمْ تُسامح فأقول لكَ : لقد سامحتُ، ولكن هناك فرقٌ شاسعٌ بين أن أسامحُ، وبين أن أرضى أن تعود المياه إلى مجاريها! بعض الماء آسِنٌ يا صديقي، وخير لكَ أن ينقطِع! سؤالك هذا ذكرني بيوم دخل وحشي على النَّبي ﷺ معلناً إسلامه، فقبل منه إسلامه، ولكنه قال له : إن استطعتَ أن تُغيِّبَ وجهكَ عنِّي فافعل! بعضُ الجروح لا تندملُ يا صديقي ولو

السَّلام عليكَ يا صاحبي 9

السَّلام عليكَ يا صاحبي تسألني: كيف أحتفِظُ بالأشياء إلى الأبد فأفلسفُ لكَ الأمور كالعادة وأقول : بالتَّخلي فمن تركَ فقد ملكَ! ألم يلفت نظركَ قول ربِّكَ لأم موسى : “فإذا خفتِ عليه فألقيه في اليم” أحياناً يكون التخلي هو الحل الوحيد يا صاحبي يبدو أنه إذا أردتَ أن تحتفظ بالأشياء عليكَ أن تتركها، فإن عادتْ فهي لكَ، وإن لم تعد فهي لم تكن لكَ منذ البداية! لا أعرفُ لِمَ تذكرتُ

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 8

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني : كيف أَصِلُ إلى الله؟ فأقولُ لكَ :  لقد تأملتُ في سِيَر الذين وصلوا، فوجدتُ أنهم ما وصلوا إليه إلا بالتسليم له! عندما أمرَ اللهُ نوحاً عليه السَّلام بأن يصنعَ السَّفينة باشرَ على الفورِ دون أن يسأله : وماذا تفعلُ سفينة في وسط الصحراء يا رب؟! وعندما أمرَ اللهُ إبراهيم عليه السَّلام أن يذبح ابنه باشرَ على الفور دون أن يسأله : ما الحكمة في

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 7

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تقول لي : لقد خذلني الأصدقاء فأقولُ لكَ : الأصدقاء لا يَخذِلون، كُلُّ ما في الأمر أنك تطلقُ لفظ الصَّديق على كُلِّ عابرٍ ! النَّاسُ هم الناس يا صاحبي في كُلِّ عصر، أما قرأتَ صحيح البخاري وعرفتَ كيف أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : النَّاسُ كإبل المئة لا تكادُ تجدُ فيها راحلة! لقد نصحنا الأعرابُ فقالوا : أَكْثِرْ معارفكَ وقللْ أصدقاءكَ ولكننا ما انتصحنا

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 6

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تقول لي : كان عاماً سيئاً والحمدُ لله أننا نجونا منه إن كنت تقصد بالنجاة أننا لم نمت فقد نجونا فعلاً ولكني لا أفهم النجاة غير أن نجتاز الصراط إلى الجنة! ما عدا ذلك انتصارات فارغة! يا صاحبي ليس نصراً أن تعيش، ولا هزيمة أن تموت الفكرة في كيف تعيش، وعلى أي شيء تموت ! لا أدري لماذا وأنا أكتبُ إليك الآن خطر في بالي مصعب

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 5

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني : لماذا لمْ يُعطني الله ما سألته إياه فأقولُ لكَ : إنَّ الطبيب لا يعطينا الدواء الذي نريدُه ولكنَّه يعطينا الدَّواء الذي نحتاجه! ولعلكَ تطلبُ من اللهِ ما فيه ضررك، أنتَ تنظرُ إلى الأشياء بنظرتك البشرية القاصرة، والله يُدبِّر الأمر بعلمه الكامل! يا صاحبي إنَّ الصبي الصغير إذا رأى حبوب الدواء الملونة بكى يريدها، فمنعه أبواه منها، الطفلُ يحسبُ في الأمر حرماناً، والأبوان يعرفان أن

السلام عليكَ يا صاحبي 4

السلام عليكَ يا صاحبي تسألني : كيف حالك؟ يا لمشقَّةِ السُّؤال! العالم حولي صاخب ومزدحم، وأنا وحيد! لا أعرفُ كيف أشرح لكَ هذه المتناقضة، ولكن صدقني يحدثُ أن يكون المرءُ وحيداً وهو في زحام! يحدث يا صاحبي أن تكون كفزَّاعةِ الحقل، تُؤدي مهمتها بجدارةٍ، تُخيف العصافير فلا يقربوا المحصول، ولكنها من الداخل تنزُّ ألماً وتتمنى لو أن عصفوراً جريئاً يُدرك أنها ما اختارت هذه المهمة، فيلقي عليها التحية! يحدثُ يا

السَّلام عليكَ يا صاحبي 3

السَّلام عليكَ يا صاحبي يومٌ آخر من المرض لا يعني أكثر من يومٍ آخر من الأجر! هذه هي المعادلة لو كنتَ تفقه: إنَّ الله إذا أحبَّ عبداً أصاب منه وإن كثيراً من البلايا إنما هي لغفران الذنب وتصحيح الطريق، فتبصَّر عاقبة أمرك! وإني أعيذك بالله من أن يجتمع عليكَ الوجعُ، والإثم، فأجدكَ ساخطاً! واعلمْ أنه ما ابتلاكَ إلا لميتحنك، ثم لينظرَ إليكَ ماذا تصنع ببلائك فكُن كأيوب عليه السلام إذ

السَّلام عليكَ يا صاحبي 2

السَّلام عليكَ يا صاحبي آن الأوان كي تُدركَ ما تأخرتَ كثيراً عن إدراكه إنَّ للهِ عباداً يغارُ الله ُ على قلوبهم أن تمتلىء بغيره فيأخذ منهم ليعطيهم، ويبتليهم ببعد الأحبة ليقرِّبهم، ولا بأس بشيء من المرارة كفارة ما كان تعلُّق! ما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه إلا لأنه رأى قلبه قد تعلَّق به، فلما امتثلَ، فدى الذبيح بكبش عظيم لنعرف نحن لاحقاً أن المقصود لم يكن اسماعيل